شؤون سياسية
تعبئة حاشدة ضد لوكاشينكو في بيلاروس للأحد الثاني على التوالي
احتشد مناصرو المعارضة البيلاروسية في مينسك للأحد الثاني على التوالي مواصلين الضغوط على الرئيس ألكسندر لوكاشنكو، وذلك بعد أسبوعين على ولادة حركة احتجاج تاريخية تنديداً بانتخابات رئاسية موضع نزاع.
والأحد وصف لوكاشينكو البالغ 65 عاما والذي يتولى السلطة منذ 26 عامًا، المتظاهرين بأنهم “جرذان”، وذلك في تسجيل فيديو نشر على حساب تلغرام التابع للرئاسة، ظهر فيه وهو ينزل من مروحية حطّت في مقر إقامته الرسمي، مرتديا سترة واقية للرصاص ويحمل رشاش كلاشنيكوف.
ويظهر الفيديو لوكاشنكو في مروحية خلال جولة مع نجله نيكولاي (15 عاما) فوق المكان الذي احتشد فيه أنصار المعارضة بعد الظهر.
ويقول لوكاشينكو في التسجيل “لقد فروا مثل الجرذان” في إشارة إلى شارع الاستقلال، نقطة انطلاق التظاهرات، وهو خال من المتظاهرين ليلا.
وتفرّق المتظاهرون ليلا بعد انتهاء التظاهرة، وفق مراسل وكالة فرانس برس.
وعند وصوله إلى مقر إقامته خرج لوكاشينكو لتوجيه الشكر لقوات الأمن، وأوردت وكالة “بيلتا” الرسمية أن العناصر ردوا بالقول “نحن معك حتى النهاية”.
وعصرا بدت التعبئة مماثلة لتلك التي شهدتها بيلاروس الأحد الماضي حين نزل أكثر من مئة ألف شخص إلى شوارع العاصمة، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
واحتشد الأحد المتظاهرون الذين حملوا أعلاماً حمراء وبيضاء، هما لونا المعارضة، في ساحة الاستقلال والشوارع المحيطة بها، هاتفين بصوت واحد شعارات على غرار “حرية!”.
وفي 16 آب/أغسطس، نُظم تجمع هائل مقابل تعبئة أضعف من جانب مناصري الرئيس.
ونُظّمت الأحد تظاهرات في مختلف مدن البلاد.
وأفاد مراسلو فرانس برس أن المتظاهرين وقفوا على تماس مع العسكريين وعناصر قوات مكافحة الشغب المنتشرين بكثافة في وسط العاصمة، من دون أن تسجل مواجهات.
وحذّرت وزارة الدفاع من أنه في حال وقعت اضطرابات بالقرب من النصب التذكارية العائدة للحرب العالمية الثانية فإن المسؤولين عن ذلك “لن يكونوا في مواجهة الشرطة وإنما الجيش”.
– “لا أوكرانيا ثانية” –
من جهتها، قالت المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا التي أعلنت نفسها فائزة في الانتخابات الرئاسية، “إنني فخورة بالمواطنين البيلاروسيين الآن، لأنهم مستعدون بعد 26 عاما من الخوف، للدفاع عن حقوقهم”.
وأضافت المعارضة التي لجأت إلى ليتوانيا المجاورة في مقابلة مع فرانس برس، “أدعوهم إلى مواصلة” الاحتجاجات.
ومساء الأحد بدأ الآلاف في ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا تشكيل سلسلة بشرية تضامنا مع المحتجين في بيلاروس، وذلك بعد ثلاثة عقود من تحرّك مماثل شهدته دول البلطيق الثلاث في 23 آب/أغسطس 1989 للمطالبة بالاستقلال عن الاتحاد السوفياتي السابق.
على الصعيد الدبلوماسي، اعتبر الاتحاد الأوروبي، الذي رفض نتائج الانتخابات الرئاسية ويعتزم فرض عقوبات على السلطة في بيلاروس، أنه لا يزال ضرورياً “التعامل” مع الرئيس البيلاروسي.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد الأوروبي “لا ينوي تحويل بيلاروس إلى أوكرانيا ثانية”، في إشارة إلى الخلاف مع روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014.
وقبل الاستحقاق الرئاسي، اتهم الرئيس البيلاروسي روسيا بالعمل خفية لإسقاطه، ولكنه غير موقفه رأسا على عقب إثر الاحتجاجات معلنا دعم الكرملين لنضاله في وجه المحاولات الغربية لزعزعة الاستقرار.
– ولاء الجيش –
ورغم موجة قمع عنيفة للاحتجاجات في الأيام التي تلت الانتخابات الرئاسية، واصل البيلاروسيين تعبئتهم بأعداد كبيرة للمشاركة في تظاهرات لا تُحصى وسلاسل بشرية سلمية.
لكن الرئيس البيلاروسي بقي صامداً ولم يتحدث سوى عن خطة إصلاح دستوري مبهمة للخروج من الأزمة السياسية.
وتمكن حتى الآن من الاعتماد على ولاء القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، على الرغم من تسجيل انشقاقات في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية.
وانتهز الرئيس فرصة تفقّده وحدات عسكرية منتشرة في غرودنو في غرب البلاد قرب الحدود مع بولندا السبت ليندد بالاحتجاجات الأخيرة متّهما القيّمين عليها بتلقي الدعم من دول غربية.
وأعطى توجيهاته للجيش بالتأهب “لحماية وحدة أراضي بلادنا” معتبرا أنه تتهددها “تحركات مهمة لقوات الحلف الأطلسي في المنطقة المجاورة” للحدود البيلاروسية على أراضي بولندا وليتوانيا.
والسبت، نفى الأطلسي نشر أي “تعزيزات” عند الحدود مع بيلاروس، مؤكدا أن المزاعم في هذا الإطار “لا أساس لها”.
وأطلقت سلطات بيلاروس الخميس ملاحقات قضائية بتهمة “المساس بالأمن القومي”، ضد “مجلس التنسيق” الذي شكلته المعارضة خلال الأسبوع الجاري بهدف تشجيع الانتقال السياسي بعد الانتخابات.
المصدر: أوكرانيا برس