أخبار
كييف تؤكد رغبة باريس في إرسال مدربين عسكريين لمساعدتها
أكدت كييف أن فرنسا تريد إرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا، الأمر الذي لم تستبعده باريس، فيما حذرت موسكو من أن الخطوة ستقود نحو اندلاع صراع عالمي. وقال القائد العام للجيش الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، الاثنين، إنه يرحب «بمبادرة فرنسا لإرسال مدربين إلى أوكرانيا لتدريب أفراد الجيش الأوكراني»، مضيفاً في منشور على «فيسبوك» أنه وقع بالفعل على وثائق «تسمح للمدربين الفرنسيين الأوائل بزيارة مراكز التدريب الخاصة بنا قريباً، والتعرف على بنيتهم التحتية وأفرادهم».
ولم يكن هناك في البداية تأكيد رسمي من فرنسا بأن مثل هذه المهمة التدريبية قد تم التخطيط لها بالفعل. واكتفت وزارة الدفاع في باريس بالقول: «كما ذكرنا سابقاً عدة مرات، فإن التدريب على الأراضي الأوكرانية هو أحد المجالات قيد المناقشة». وتابعت، كما نقلت عنها وكالة الأنباء الألمانية: «مثل جميع الموضوعات التي نوقشت في هذه المناسبة، ستستمر مناقشة هذه القضية مع الجانب الأوكراني، لا سيما لفهم احتياجاتهم الدقيقة». وتقول باريس إنها لم تستبعد إرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا في المستقبل، لكنها لم تتخذ قراراً بهذا الشأن بعد.
وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، إلى وجود مدربين عسكريين غربيين في أوكرانيا يقدمون أنفسهم على أنهم مقاتلون مرتزقة. وقال بوتين في مؤتمر صحافي في أوزبكستان رداً على سؤال عن تصريحات قائد أعلى أوكراني بأن مباحثات جارية حول إرسال مدربين عسكريين فرنسيين إلى البلاد: «هناك متخصصون يقدمون أنفسهم على أنهم مرتزقة». وقال بوتين إن المرتزقة الفرنسيين موجودون في أوكرانيا منذ وقت طويل، وإن ظهور الجيش النظامي هناك سيكون خطوةً، ودأبت فرنسا على نفي الاتهامات الروسية بوجود مرتزقة فرنسيين في أوكرانيا.
وأضاف بوتين أن الغرب أثار أحدث عملية روسية في منطقة خاركيف الأوكرانية بتجاهله تحذيرات روسيا بالسماح لأوكرانيا بمهاجمة منطقة بيلغورود الروسية المتاخمة. وذكر بوتين أن الهجمات على الأراضي الروسية بأسلحة مقدمة من الغرب لأوكرانيا ممكنة فقط بمساعدة من متخصصين من دول غربية، مضيفاً أن هذا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
ودعا حلف شمال الاطلسي، الاثنين، الدول الأعضاء فيه، إلى السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة غربية ضد أهداف عسكرية في روسيا. وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ: «لقد حان الوقت للنظر فيما إذا كان من الصواب رفع بعض القيود التي تم فرضها». وخلال جلسة في الربيع بالعاصمة البلغارية صوفيا، تبنت الجمعية البرلمانية للحلف إعلاناً مماثلاً تعهدت فيه بدعم أوكرانيا حتى تحقيق النصر.
استجابت الحكومة التشيكية بشكل إيجابي لدعوة ينس ستولتنبرغ، للسماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الغربية لضرب الأراضي الروسية. وقال رئيس الوزراء التشيكي، بيتر فيالا، في براغ، الثلاثاء، إن «أوكرانيا لديها بالتأكيد كل الحق في استخدام جميع سبل الدفاع (عن نفسها)، باعتبارها دولةً تتعرض للهجوم»، واصفاً الموقف بأنه «منطقي بكل بساطة».
وقالت الحكومة الهولندية، الثلاثاء، إنها ستقود مبادرةً بين بعض الدول الأوروبية لتزويد أوكرانيا بنظام صواريخ «باتريوت» للدفاع الجوي. وقالت وزيرة الدفاع الهولندية كايسا أولونجرين في بروكسل الثلاثاء: «بالطبع، لا تزال أوكرانيا تتعرض للهجوم… الغارات الجوية مستمرة». وأضافت: «أنظمة (باتريوت) نادرة في أوروبا وحلف الأطلسي، لكننا نتخذ الآن خطوةً إلى الأمام، لذلك سنزودها بمكونات أنظمة (باتريوت)». وقال بيان صحافي صادر عن وزارة الدفاع الهولندية إن «هولندا حددت الدول التي يمكن أن تقدم أجزاء وذخائر (باتريوت) إضافية»، من أجل تسليم أوكرانيا نظاماً كاملاً. ولم يتطرق التقرير لأسماء دول بعينها.
بدورها، تعهدت بلجيكا، الثلاثاء، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتزويده بـ30 مقاتلة من طراز «إف-16» بحلول 2028. واستقبل رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو صباحاً فولوديمير زيلينسكي الذي يتوقف لبضع ساعات في بروكسل بعد زيارة مدريد، وقبل التوجه إلى لشبونة، لتوقيع اتفاقية ثنائية تتضمن هذا التعهد.
ويتفق خبراء قوانين الحرب بشكل عام على أن الهجمات التي تشنها أوكرانيا على أهداف عسكرية في روسيا، يغطيها القانون الدولي كجزء من دفاعها، إلا أن بعض الدول الغربية التي تدعم أوكرانيا، مثل ألمانيا، مترددة.
وتخشى هذه العواصم من أن تفسر موسكو السماح لكييف باستخدام الأسلحة المتقدمة التي يقومون بتزويد أوكرانيا بها لمهاجمة الأراضي الروسية، بأنها صارت طرفاً مباشراً في الحرب.
وناشد وزير الدفاع الأوكراني، رستم أوميروف، في رسالة بالفيديو، الحلفاء، إغلاق المجال الجوي فوق غرب أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي الخاصة بهم. وفي الوقت نفسه، لا تزال الحكومة الألمانية تعارض فكرة إقامة درع دفاعية من أراضي حلف شمال الأطلسي. وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن هيبستريت في برلين: «من وجهة نظرنا، سيكون ذلك مشاركة، مشاركة مباشرة في هذا الصراع. وهذا شيء لا نهدف إليه». وكانت هناك دعوات من البعض في الآونة الأخيرة لقوى حلف شمال الأطلسي لتعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية من خلال إنشاء نوع من الدرع الواقي فوق أوكرانيا.
وحذر المستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، من أن أوروبا عرضةٌ لخطر «مميت» في مواجهة العدوان الروسي، وذلك في مقالة مشتركة للزعيمين نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز». وقال الزعيمان في المقالة التي تزامن نشرها مع زيارة الدولة التي يقوم بها ماكرون إلى ألمانيا: «لا يمكننا أن نأخذ بشكل بديهي الأسس التي بنينا عليها أسلوب عيشنا الأوروبي ودورنا في العالم»، وأضافا: «أوروبا التي ننتمي إليها عرضة لخطر مميت، وعلينا أن نرتقي إلى مستوى التحدي».
ووافق ماكرون على تعبير «نقطة التحول» الذي ورد في مقالة الرأي، وكان المستشار الألماني قد استخدمه في السابق ليصف التحول التاريخي في سياسة ألمانيا، وخصوصاً زيادة الإنفاق في المجال الدفاعي بعد الغزو الروسي. وكتب الزعيمان: «إذا نظرنا إلى التحديات التي واجهتنا على مدى السنوات الخمس الماضية، سواء كان ذلك الوباء أو الحرب العدوانية الروسية المستمرة ضد أوكرانيا أو التحولات الجيوسياسية المتزايدة يبدو الأمر جلياً. أوروبا تشهد (زايتنفندي)، أو نقطة تحول بين نهاية حقبة وبدء عصر جديد». وطرح الزعيمان أفكارهما حول اتجاه الاتحاد الأوروبي في الفترة التي تلي انتخابات الاتحاد الأوروبي في 9 يونيو (حزيران).
ومن بين العناصر التي عرضها ماكرون وشولتز، كما جاء في تقرير وكالة الصحافة الفرنسية، الحاجة إلى تعميق السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي وتعزيز الاستثمار، مع تقليل اعتماد التكتل على الشركاء التجاريين للحصول على الإمدادات الرئيسية. ويأتي بيان المهمة المشتركة للزعيمين بعد فترة من التوتر شابت العلاقة بين أكبر قوتين في الاتحاد الأوروبي. واختلف شولتز وماكرون بشكل خاص حول النهج الصحيح إزاء الحرب في أوكرانيا، حيث اتخذ الرئيس الفرنسي لهجةً أكثر حدة ضد روسيا. ويلتقي الزعيمان الفرنسي والألماني، الثلاثاء، في ميسيبرغ بالقرب من برلين خلال اجتماع مشترك لوزراء فرنسيين وألمان في اليوم الثالث من زيارة ماكرون.
ويجتمع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الثلاثاء، لمناقشة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، فضلاً عن الجهود الرامية إلى تعزيز صناعة الدفاع في أوروبا.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 5 مليارات يورو (5.4 مليار دولار) مساعدات عسكرية لأوكرانيا من خلال صندوق خارج الميزانية يسمى مرفق السلام الأوروبي. لكن المجر تعرقل المدفوعات. وتتمتع كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بحق النقض. وسيناقش الوزراء الوضع في ساحة المعركة في أوكرانيا. كما سيشارك وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في المناقشات.
من جانب آخر، اتهم الرئيس الأوكراني نظيره الروسي فلاديمير بوتين بمحاولة «إفشال» قمة حول السلام في أوكرانيا مقررة الشهر المقبل في سويسرا. وقال زيلينسكي: «بوتين خائف جداً من قمة السلام»، مضيفاً: «لقد حاول إفشال هذه القمة وهو يواصل القيام بذلك». كما أكد أن غياب الرئيس الأميركي جو بايدن عن قمة السلام حول أوكرانيا سيكون بمثابة «دعم موقف» بوتين. وقال الرئيس الأوكراني خلال مؤتمر صحافي إن «غيابه سيكون بمثابة دعم لموقف بوتين» فيما لم تؤكد واشنطن حتى الآن حضور بايدن.