أخبار
كيف أثرت الحرب في أوكرانيا على بايدن وحزبه؟
لا تزال الأزمة الأوكرانية تُلقي بظلالها على الداخل الأميركي، فيما تمثل التداعيات الاقتصادية جراء ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية واحدة منها هذه التداعيات، لكنها لا تتوقف هنا، فالأمر يصل إلى الرئيس جو بايدن وحزبه الديمقراطي.
ففي الوقت الذي كانت واشنطن تأمل في حدوث التعافي التدريجي مما خلفته جائحة كورونا من آثار جمّة، جاءت الحرب في أوكرانيا لتحدث انتكاسة غير متوقعة، ولم يُعرف بعد موعد التحسن مع استمرار التصعيد بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها في الغرب.
وكان الرئيس جو بايدن أعلن منتصف الأسبوع الماضي، حظرا على واردات النفط من روسيا في أقسى إجراء اتخذته إدارته حتى الآن لمعاقبة موسكو على حربها ضد أوكرانيا.
وجاء هذا القرار تحت ضغوط مارسها أعضاء الكونغرس الذين حثو الرئيس على التحرك تجاه هذا القرار ،رغم التردد الذي بدا واضحا في الأيام الأولى، خوفًا أن من شأن هذا الحظر أن يفاقم التضخم الذي يلقي ويرى مراقبون،أن بايدن قرر الذهاب، وفق رأي الكونغرس، راغبا في ترسيخ التحسن الطفيف في شعبيته الذي ظهر في استطلاعات الرأي الأخيرة، على وقع إدارته للحرب في أوكرانيا وما تلى ذلك من قرارات تجاه الرئيس الروسي.
عقبات اقتصادية
وتوافق ذلك مع ما ذكرته “رويترز”، بأن استراتيجية الرئيس بايدن الحالية في مواجهة التداعيات المحلية من زيادات أسعار الوقود في أن يوجه الأميركيون غضبهم إلى رجل واحد هو الرئيس الروسي بوتن.
وعلى مستوى المواطن الأميركي العادي، تسببت القرارات الاقتصادية الأخيرة لواشنطن ضد موسكو، في زيادة أسعار الوقود في الولايات المتحدة التي ارتفعت بالفعل إلى ما بعد 4 دولارات للغالون في العديد من الأماكن، مما يمثل تحدياً كبيرة لبايدن.
وذلك بخلاف الصعوبات المعيشية التي حدثت قبل اندلاع الحرب، إذ وصل مستوى التضخم في يناير الماضي إلى 7.5 بالمئة في وتيرة ارتفاع غير مسبوقة منذ 40 عاما.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في تقرير أن الحرب ستترك تداعيات كبيرة على مستوى العالم والاقتصاد الأميركي، مثل زيادة انعدام اليقين، وإحداث اضطرابات في أسواق السلع الأساسية، خاصة النفط والقمح.
وسرعان ما انعكست تلك المعطيات على حياة الأميركيين حيث ارتفع التضخم مؤخرا إلى 7.9 بالمئة، مدفوعا بارتفاع أسعار المواد الغذائية والبنزين والإسكان.
وتدفع كل ذلك نحو تحديات واسعة للرئيس الديمقراطي، في الوقت الذي يحرص الجمهوريين على اغتنامها قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، حيث تكون السيطرة على الكونغرس على المحك.
انخفاض الشعبية
بدوره، يرى المدير الأسبق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمحلل السياسي البارز في الشأن الأميركي، عبد المنعم سعيد لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن استطلاعات الرأي العام في أميركا تتأرجح خلال الفترة الأخيرة، ويدخل فيها عناصر كثيرة أهمها الموقف الاقتصادي في الدولة.
وأوضح سعيد أن بايدن عندما انُتخب كانت الاستطلاعات تعطيه هامشا إيجابيا إزاء منافسيه في الساحة السياسية، لكنها تراجعت تدريجيا مع استمرار جائحة كورونا، وكذلك في مشهد الخروج من أفغانستان حينما لم يظهر له دورا دوليا يليق ببلاده، لتبدأ الشعبية في الانخفاض الواضح مع بداية هذا العام.
ووفقا لاستطلاع للرأي أجراه مركز “غالوب”، تدنت شعبية بايدن إلى 41 في المئة، وهو ما يؤثر في الانتخابات، إذ إن الرؤساء الذين تقل نسبة الموافقة على أدائهم عن 50 في المئة، تخسر أحزابهم في المتوسط 37 مقعدا في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي.
كما أظهر استطلاعٌ للرأي أجرته شركة “راسميوسين” الأميركية، أن “54 بالمئة من الأميركيين يرون رد بايدن على العملية الروسية كان غير فعال، بمن في ذلك 30 بالمئة ممن صنفوا رده بأنه غير فعال على الإطلاق”.
ولفت سعيد إلى أن التضخم الجاري في الولايات المتحدة بدأ يؤثر على الموقف من الرئيس بايدن، كما أن التداعيات على الموقف الاقتصادي ربما تؤثر تأثيرًا سلبيا.
فرصة لتنشيط الشعبية
ويعتقد سعيد أنه مع تصاعد الأزمة في أوكرانيا، واتجاه بايدن لفرض عقوبات أكثر صرامة على النظام الروسي، سترتفع أسهم الرئيس الأميركي قليلا ومعه بالطبع أسهم الحزب الديمقراطي، لكن هناك الكثير من المؤشرات أن المسافة الزمنية من هذا الوقت وحتى انتخابات التجديد النصفي لا تزال طويلة.
وقال المحلل السياسي إن الصراع مع روسيا على الأرض الأوكرانية ومدى النجاح والفشل فيه سيحدد مصير هذه الانتخابات، بيد أن هناك تطورا إيجابيا لأن بايدن بدا حازما تجاه بوتن، كما نجح في توحيد الموقف الغربي ضد موسكو.
وفي العموم، فإن بايدن وحزبه تحت الاختبار بالنسبة للأزمة الأوكرانية والموقف الاقتصادي الراهن.
استراتيجية الانتخابات
وذكر عبد المنعم سعيد أن انتخابات التجديد النصفي تتم على مستوى الولايات، وبالتالي البعد القومي الأميركي هو بعد واحد، لكن هناك أبعاد أخرى خاصة بالولاية ذاتها التي تجرى فيها الانتخابات، ويتوقف الأمر على الموقف الاقتصادي بالنسبة لها، والميزان التواجد بالنسبة للجمهوريين والديموقراطيين في هذه الولاية.
وأضاف: “عندما نتحدث في أي انتخابات أمريكية فنحن نتحدث عن عدد محدود من الولايات، لأن معظم الولايات صوتت منذ وقت طويل للديمقراطيين أو للجمهوريين، ويصبح نجاح الجمهوري أو الديمقراطي حسب التقاليد السارية في الولاية، وما يُحدث الفارق هو مجموعة من الولايات التي يطلق عليها “المتأرجحة”، مثل بنسلفانيا وميتشغان وفلوريدا.