أخبار
أوكرانيا تحذو حذو روسيا وتجند سجناء للمشاركة في الحرب
في إشارة إلى حاجة الجيش الأوكراني الماسة إلى قوات جديدة للمشاركة في الحرب ضد روسيا، تحذو كييف حذو موسكو في تجنيد السجناء للخدمة في قواتها المسلحة.
وتقول الحكومة إن 4656 مداناً تقدموا بالفعل بطلبات ليكونوا جزءاً من البرنامج الذي سيتعين على السجناء أن يخدموا فيه حتى نهاية الحرب قبل حصولهم على العفو، وفق ما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال».
ويقول كثير من وحدات الخطوط الأمامية في أوكرانيا إنها مستنزفة ومنهكة. وتكافح أوكرانيا لتجنيد عدد كافٍ من الرجال لصد الهجمات الروسية المزدادة.
وبحثاً عن مئات الآلاف من الجنود الجدد، خفضت أوكرانيا سن التعبئة، وزادت التعويضات المالية المخصصة للقوات، وسعت إلى إجبار الرجال في سن الخدمة العسكرية الذين فروا إلى الخارج على العودة إلى ديارهم والقتال في الحرب.
وقال أحد السجناء الأوكرانيين، ويدعى فيتالي ياتسينكو، الذي سيغادر السجن هذا الأسبوع ويلتحق بالجيش، إن هذا البرنامج «يمثل فرصة للخلاص بالنسبة إليه».
وفي عام 2020، قُبض على ياتسينكو (23 عاماً) بعد ذهابه لأخذ طرد يحتوي أقراصاً مخدرة غير قانونية من مكتب بريد في كييف، وقد حكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات.
وقال ياتسينكو في مقابلة من السجن الذي يحتجز فيه: «أشعر بالخجل من وجودي في السجن. هذه فرصتي لأفعل شيئاً مفيداً لبلادي».
ولا يعرف ياتسينكو إلى أين سيرسَل أو الدور الذي سيُمنح له. ولم يخبر والدته بعد، لكنه قال إن الدافع وراء ذلك جزئياً هو الرغبة في جعلها فخورة به بعد أن خذلها بسجنه.
وقال سجين آخر يدعى فولوديمير بارانديتش إن صبره لمغادرة السجن والانتقال إلى الخطوط الأمامية للقتال «ينفد».
وقبل نحو 6 أشهر، كان بارانديتش عريفاً في الجيش يخدم في محيط بلدة أفدييفكا، وهي واحدة من أخطر النقاط الساخنة على الخطوط الأمامية، عندما قبض عليه بتهمة الاتجار بالمخدرات. ويصر بارانديتش على براءته قائلاً إنه جرى الإيقاع به من قبل صديق سابق.
وقال بارانديتش: «طوال مدة سجني شعرت بالخجل؛ لأنني هنا في حين أن زملائي لا يزالون يقاتلون العدو».
الاستعانة بالسجناء عبر التاريخ
لقد استُعين بالسجناء في أوقات الحرب مرات كثيرة عبر التاريخ؛ في الأماكن والأدوار الأكثر خطورة في الأغلب. وقد نشر نابليون ألوية تتكون من السجناء، كما قامت كل من ألمانيا النازية والاتحاد السوفياتي بتجنيد المجرمين والسجناء السياسيين. وبعد الحرب العالمية الثانية، انتهت هذه الممارسة في كثير من البلدان.
إلا إن حرب أوكرانيا أعادت هذه الممارسة بشكل واضح.
ومع بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022 بدأت ميليشيا «فاغنر» الروسية في تجنيد المدانين. وواصلت موسكو هذه الممارسة بعد أن تمرد زعيم «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، على القيادة العسكرية ولقي حتفه في حادث تحطم طائرة في أغسطس (آب) من العام الماضي.
اختلافات بين روسيا وأوكرانيا
يختلف برنامج أوكرانيا عن برنامج روسيا في جوانب عدة.
فعلى عكس ما يحدث في موسكو، فإن المدانين بجرائم معينة في أوكرانيا لن يكونوا مؤهلين للقتال في الحرب. وقالت أولينا فيسوتسكا، نائبة وزير العدل الأوكراني، إن ذلك يشمل الأشخاص المدانين بالعنف الجنسي، والحوادث المرورية التي أدت إلى الوفاة، والقتل العمد لأكثر من شخصين، والاعتداءات على الأمن القومي، والإدانات «الخطرة» بالفساد… من بين قيود أخرى.
وفي حين أن السجناء الروس يحصلون بشكل رئيسي على ميزة شطب سجلهم الجنائي بعد الخدمة في الجيش، فإن هذا الأمر لن ينطبق على السجناء الأوكرانيين.
وتقدر وزارة العدل الأوكرانية أن السلطات يمكنها تجنيد نحو 5 آلاف شخص من السجون. أما روسيا فلم تؤكد مطلقاً العدد الإجمالي للمدانين الذين جندتهم، لكن الأرقام الصادرة عن خدمة السجون تظهر انخفاضاً في إجمالي عدد نزلاء السجون في البلاد بأكثر من 35 ألفاً بين مايو (أيار) 2022 ويناير (كانون الثاني) 2023، وهي فترة الذروة الخاصة في تجنيد «فاغنر» للسجناء.
وقال مسؤول كبير في أحد السجون إن كثيراً من المدانين ذوي السجلات الجنائية الأكثر خطورة قيل لهم إن إداناتهم تمنعهم من الخدمة، مما أصابهم بخيبة أمل. وأضاف أن البعض أعرب بالمثل عن اهتمامه، لكنه تراجع عندما علم بالمخاطر التي قد يواجهها في الحرب.
وسيوضع المدانون في وحدات خاصة، لكن ليس من الواضح ما الذي سيكلفون به.
قلق واسع
أعرب بعض الأوكرانيين عن قلقهم على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن كيفية السيطرة على المدانين المسلحين بعد العفو عنهم إثر مشاركتهم في الحرب.
وفي روسيا، يمكن للمدانين الروس أن يغادروا الجيش بعد 6 أشهر من القتال. وقد ارتكب بعضهم جرائم خطرة؛ بما في ذلك القتل، بعد العودة إلى الحياة المدنية.
ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن برنامج كييف يتعامل مع سجناء مدانين بارتكاب جرائم أقل خطورة من تلك التي يتعامل معها البرنامج الروسي.
وقالت فيسوتسكا إن «هناك وطنيين بين المدانين الذين يريدون إعادة تأهيل أنفسهم، وبالتالي فإن (الإفراج عنهم ومشاركتهم في الحرب) لن يأتي بأي نتائج سلبية».